الْمُحْدَثَةِ، وَصَارَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ صَاحِبَ مَقَالَةٍ وَجَدَ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْحَابَ وَالْأَتْبَاعَ، وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ ذَاقَ حَلَاوَةَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِنِفَاقِ بِدْعَتِهِ، وَكَلَّا أَنَّهُ كَمَا ظَنَّهُ أَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ، إِذْ أَهْلُ السُّنَّةِ لَا يَرْغَبُونَ عَنْ طَرَايِقِهِمْ مِنَ الِاتِّبَاعِ وَإِنْ نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ، وَلَا يَسْتَوْحِشُونَ لِمُخَالَفَةِ أَحَدٍ بِزُخْرُفِ قَوْلٍ مِنْ غُرُورٍ، أَوْ بِضَرْبِ أَمْثَالٍ زُورٍ.
[نَتَائِجُ مُنَاظَرَةِ الْمُبْتَدِعَةِ]
فَمَا جُنِيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جِنَايَةٌ أَعْظَمُ مِنْ مُنَاظَرَةِ الْمُبْتَدِعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَهْرٌ وَلَا ذُلٌّ أَعْظَمَ مِمَّا تَرَكَهُمُ السَّلَفُ عَلَى تِلْكَ الْجُمْلَةِ يَمُوتُونَ مِنَ الْغَيْظِ كَمَدًا وَدَرَدًا، وَلَا يَجِدُونَ إِلَى إِظْهَارِ بِدْعَتِهِمْ سَبِيلًا، حَتَّى جَاءَ الْمَغْرُورُونَ فَفَتَحُوا لَهُمْ إِلَيْهَا طَرِيقًا، وَصَارُوا لَهُمْ إِلَى هَلَاكِ الْإِسْلَامِ دَلِيلًا، حَتَّى كَثُرَتْ بَيْنَهُمُ الْمُشَاجَرَةُ، وَظَهَرَتْ دَعْوَتُهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ، وَطَرَقَتْ أَسْمَاعَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَرَفَهَا مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، حَتَّى تَقَابَلَتِ الشُّبَهُ فِي الْحُجَجِ، وَبَلَغُوا مِنَ التَّدْقِيقِ فِي اللُّجَجِ، فَصَارُوا أَقْرَانًا وَأَخْدَانًا، وَعَلَى الْمُدَاهَنَةِ خِلَّانًا وَإِخْوَانًا، بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي اللَّهِ أَعْدَاءً وَأَضْدَادًا، وَفِي الْهِجْرَةِ فِي اللَّهِ أَعْوَانًا، يُكَفِّرُونَهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ عِيَانًا، وَيَلْعَنُونَهُمْ جِهَارًا، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَهَيْهَاتَ مَا بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَنَا مِنَ الْفِتْنَةِ فِي أَدْيَانِنَا، وَأَنْ يُمَسِّكَنَا بِالْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَيَعْصِمَنَا بِهِمَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute