أن على باب الدار منهم جمّاً غفيراً. فلما أمر بلزمهم بطش بهم العسكر فامتنعوا بسلاحهم وصفر الصافر وكان أمر الله قدراً مقدوراً فانقلبت المدينة بمن فيها من عوارين البلد وعوارين الشام وسائر العرب العرباء على العسكر فنبهوهم في ساعة واحدة. وكانت المدينة قد امتلأَت بالعربان والعسر من الشام وكان في ظن الأمير أن كافة العربان الواصلين من الشام يقولون بقوله ولم يعلم أن الجميع داعية فساد وطمع. فلما رأَى ما رأَى من السواد الأعظم قام هارباً وهرب سائر المقدمين المذكورين وافترق العسكر فدخل الأمير موضعاً من الدار فتبعه جماعة من العوارين فقتلوه وصت صلاة المغرب من ليلة الجمعة الخامس عشر من الشهر المذكور. فلما أصبح صبح يوم الجمعة حمل من موضعه ذلك وغسل وكفن ودفن في داخل المدينة قبالة باب الشبارق عند المسجد المعروف بمسجد السدرة.
ولما طلعت الشمس يوم الجمعة الخامس عشر من الشهر المذكور وصل الأشراف بأجمعهم إلى مدينة زبيد وحطوا في البستان الشرقي ودخل الشريف يحيى بن حمزة الهدوي في جماعة من أصحابه من السور برأْي بعض العوارين فوقفوا في المدينة ساعة يدورون على بيوت غلمان السلطان ويتأَملونها وأَمر صائحاً يصيح بذمة الله وذمة الإمام على كافة الناس ثم قال لمن معه من العوارين افتحوا الباب للعسكر يدخلوا المدينة له رجل من مشايخ العوارين يقال له ابن العدني المصلحة يا شريف أن ترجع إلى أصحابك وتمهلونا هذه الليلة حتى نجتمع بأكابر أَهل البلد. فقال له وهل في البلد من هو أكبر منكم قال نعم معنا فقهاء وتجار ورعية ومن لا نتعدى أمرهم فان رضوا بكم فتحنا لكم الباب ومرحباً بكم وإن لم يرضوا بكم فيا حجر يا حجر ويا سيف يا سيف ويعطى الله النصر من يشاءُ. فقال الشريف وما في الكلام إلا هذا قال له نعم. فرجع الشريف هو وأصحابه الذين معه وكانوا نحواً من سبعة أو ثمانية نفر فانزلوا من الدرب ورجعوا إلى أصحابهم واشتد القتال ساعة من نهار. وكان هذا قبل زوال الشمس من يوم الجمعة الخامس عشر من الشهر المذكور. فلما زالت الشمس وحضر وقت الصلاة لم يحضر الجامع من