فَلَقَد كَانَ الْخَيط الذى أمسكنا بِهِ هُوَ أَن ابْن كثير ذكر فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الاحزاب فِي قصَّة غَزْوَة الخَنْدَق، أَنه قد كتب السِّيرَة النَّبَوِيَّة مُطَوَّلَة ومختصرة، حَيْثُ يَقُول:(وَهَذَا كُله مُقَرر مفصل بأدلته وَأَحَادِيثه وَبسطه فِي كتاب السِّيرَة الذى أفردناه موجزا وبسيطا وَللَّه الْحَمد والْمنَّة) .
وَمعنى ذَلِك أَن كِتَابَته للسيرة النَّبَوِيَّة قد عرفت طريقها إِلَى أيدى النَّاس فِي عصره، وَلَكِن الْبَحْث فِي نَاحيَة المخطوطات لم يدل على وجود تِلْكَ السِّيرَة ككتاب مُسْتَقل، ويبدو أَنه حينما ألف كِتَابه الضخم (الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة) قد أدمج تِلْكَ السِّيرَة فِيهِ، وَأَن شهرة ذَلِك الْكتاب وانتشاره فِي الانحاء، قد جعل النَّاس يقرأون تِلْكَ السِّيرَة فِيهِ، وَلم يعد لَهَا كيان مُسْتَقل ككتاب، وَإِذا كَانَ ابْن كثير قد ذكر أَنه لَهُ السِّيرَة النَّبَوِيَّة