للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عزم الصّديق على الْهِجْرَة إِلَى أَرض الْحَبَشَة

قَالَ ابْن إِسْحَق: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِ مَكَّةُ وَأَصَابَهُ فِيهَا الْأَذَى، وَرَأَى مِنْ تَظَاهُرِ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مَا رَأَى، اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ.

فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُهَاجِرًا، حَتَّى إِذَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، لَقِيَهُ

ابْنُ الدَّغِنَةِ (١) ، أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْأَحَابِيشِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، أَحَدُ بَنِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: اسْمُهُ مَالِكٌ.

فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي وَآذَوْنِي وَضَيَّقُوا عَلَيَّ.

قَالَ: وَلم؟ وَالله إِنَّكَ لَتَزِينُ الْعَشِيرَةَ وَتُعِينُ عَلَى النَّوَائِبِ وَتَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، ارْجِعْ فَإِنَّكَ فِي جِوَارِي.

فَرَجَعَ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ قَامَ مَعَه ابْنُ الدَّغِنَةِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ، فَلَا يَعْرِضْ لَهُ أحد إِلَّا بِخَير.

قَالَ: فكفوا عَنهُ.


(١) ابْن الدغنة، بِفَتْح الدَّال الْمُشَدّدَة وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالنُّون مُخَفّفَة مَفْتُوحَة، كَذَا ضَبطه الزرقائى، وَهُوَ ضبط الروَاة، وَأهل اللُّغَة يضبطونه بِالدَّال مُشَدّدَة مَضْمُومَة والغين مَضْمُومَة وَالنُّون مُشَدّدَة مَضْمُومَة وَمعنى الدغنة: المسترخية.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>