للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا (١) وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسَتَسْلِفُكَ.

قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ.

قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلَا نُحِبُّ أَن ندعه حَتَّى نَنْظُر إِلَى أَي شئ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا (٢) .

قَالَ: نعم أرهنوني.

قلت: أَي شئ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ.

فَقَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ! قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ.

قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَالُ: رَهْنٌ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ! هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ.

قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلَاحَ (٣) .

فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ لَيْلًا، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ (٤) وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو (٥) : قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ.

قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلِمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ! قَالَ: وَيَدْخُلُ مُحَمَّد بن مسلمة مَعَه رجلَيْنِ، فَقَالَ: إِذا مَا جَاءَ فإبى مائل (٦) بِشَعْرِهِ فَأَشُمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ.

وَقَالَ: مَرَّةً، ثُمَّ أُشِمُّكُمْ (٧) .

فَنَزَلَ إِلَيْهِم متوشحا وَهُوَ ينفح مِنْهُ رِيحُ الطَّيِّبِ فَقَالَ (٨) : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا، أَيْ أَطْيَبَ.

وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ (٩) : عِنْدِي أعطر نسَاء الْعَرَب

وأجمل الْعَرَب.


(١) عنانا: أتعبنا.
(٢) زَاد فِي بعض رِوَايَات البُخَارِيّ: وسْقا أَو وسقين.
(٣) اللامه فِي اللُّغَة: الدرْع.
وَإِطْلَاق السِّلَاح عَلَيْهَا من إِطْلَاق اسْم الْكل على الْبَعْض.
وقصدوا من ذَلِك أَلا يُنكر عَلَيْهِم السِّلَاح حِين يأتونه بِهِ.
(٤) هُوَ سلكان بن سَلامَة.
(٥) غير عَمْرو: أَي رِوَايَة أُخْرَى غير رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار.
(٦) وتروى: قَائِل بِشعرِهِ.
أَي آخذ.
(٧) أشمكم: أمكنكم من الشم.
(٨) أَي مُحَمَّد بن مسلمة.
(٩) أَي كَعْب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>