قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَخَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي يَلْتَمِسُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَوَجَدَهُ بِبَطْنِ الْوَادِي قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ عَنْ كَبِدِهِ وَمُثِّلَ بِهِ فَجُدِعَ أَنْفُهُ وَأُذُنَاهُ.
فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ رَأَى مَا رَأَى: " لَوْلَا أَنْ تَحْزَنَ صَفِيَّةُ وَتَكُونَ سُنَّةً مِنْ بَعْدِي، لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَلَئِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ فِي مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ لَأُمَثِّلَنَّ بِثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ ".
فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْظَهُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِعَمِّهِ مَا فَعَلَ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ بِهِمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانِ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الله أَنْزَلَ فِي ذَلِكَ: " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ للصابرين " الْآيَة.
قَالَ: فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَبَرَ وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ، وَقِصَّةُ أُحُدٍ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِين، فَكيف يلتئم هَذَا؟ ! فَالله أعلم.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقَامٍ قَطُّ فَفَارَقَهُ حَتَّى يَأْمُرَ بِالصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.
وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَمْزَةَ قَالَ: " لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ أبدا، مَا وقفت قطّ موقفا أَغْيَظَ إِلَيَّ مِنْ هَذَا! ".
ثُمَّ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن حَمْزَة مَكْتُوب فِي السَّمَاوَات السَّبع: " حَمْزَة ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute