للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُلْتُ وَيْلَ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمْ * إِذَا تَغَطْمَطَتِ الْبَطْحَاءُ بِالْجِيلِ (١) إِنِّي نَذِيرٌ لِأَهْلِ الْبَسْلِ (٢) ضَاحِيَةً * لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ لَا وَخْشٍ (٣) قَنَابِلُهُ * وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقِيلِ قَالَ: فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ.

وَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: الْمَدِينَةَ.

قَالَ: وَلِمَ؟ قَالُوا نُرِيدُ الْمِيرَةَ.

قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً أُرْسِلُكُمْ بِهَا إِلَيْهِ وَأُحَمِّلُ لَكُمْ إِبِلَكُمْ هَذِهِ غَدًا زَبِيبًا بِعُكَاظٍ إِذَا وَافَيْتُمُوهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِذَا وَافَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا السَّيْرَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ.

فَمَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ، فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أُرَاهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل.

تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ الْبُخَارِيُّ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ

أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أجر عَظِيم " قَالَت لعروة: يَابْنَ أختى كَانَ أَبَوَاك


(١) تغطمطت: اهتزت.
والجيل: الصَّفّ من النَّاس.
(٢) أهل البسل: قُرَيْش.
(٣) الوخش: الردئ.
وفى ابْن هِشَام: تنابلة.
والقنابل: جمع قنبلة الطَّائِفَة من النَّاس وَالْخَيْل.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>