للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحدثنَا عثيم بن ثوابة بن حَاتِم الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ حَاتِمٍ لِحَاتِمٍ: يَا أَبَا سَفَّانَةَ أَشْتَهِي أَنْ آكُلَ أَنَا وَأَنْتَ طَعَامًا وَحْدَنَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

فَأَمَرَهَا فَحَوَّلَتْ خَيْمَتَهَا مِنَ الْجَمَاعَةِ عَلَى فَرْسَخٍ، وَأَمَرَ بِالطَّعَامِ فَهُيِّئَ وَهِيَ مُرْخَاةٌ سُتُورُهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا، فَلَمَّا قَارَبَ نُضْجُ الطَّعَامِ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: فَلَا تَطْبُخِي قِدْرِي وَسِتْرُكِ دُونَهَا * عَلَيَّ إِذَنْ مَا تَطْبُخِينَ حَرَامُ وَلَكِنْ بِهَذَاكِ الْيَفَاعِ فَأَوْقِدِي * بِجَزْلٍ إِذَا أَوْقَدْتِ لَا بِضِرَامِ قَالَ: ثُمَّ كَشَفَ السُّتُورَ وَقَدَّمَ الطَّعَامَ وَدَعَا النَّاسَ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا.

فَقَالَتْ:

مَا أَتْمَمْتَ لِي مَا قُلْتَ.

فَأَجَابَهَا: فَإِنِّي لَا تُطَاوِعُنِي نَفْسِي، وَنَفْسِي أَكْرَمُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يُثْنَى عَلَيَّ هَذَا وَقَدْ سَبَقَ لِيَ السخاء.

ثمَّ أنشأ يَقُول: أمارس (١) نفس الْبُخْل حَتَّى أعزها * وأترك نفس الْجُود مَا أستثيرها وَلَا تَشْتَكِينِي جَارَتِي غَيْرَ أَنَّهَا * إِذَا غَابَ عَنْهَا بَعْلُهَا لَا أَزُورُهَا سَيَبْلُغُهَا خَيْرِي وَيَرْجِعُ بَعْلُهَا * إِلَيْهَا وَلَمْ تُقْصَرْ عَلَيْهَا سُتُورُهَا وَمِنْ شِعْرِ حَاتِمٍ: إِذَا مَا بِتُّ أَشْرَبُ فَوْقَ رى * لِسُكْرٍ فِي الشَّرَابِ فَلَا رَوِيتُ إِذَا مَا بِتُّ أَخْتِلُ عِرْسَ جَارِي * لِيُخْفِيَنِي الظَّلَامُ فَلَا خَفِيتُ أَأَفْضَحُ جَارَتِي وَأَخُونُ جَارِي؟ ! * فَلَا وَاللَّهِ أَفْعَلُ مَا حَيِيتُ وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا: مَا ضَرَّ جَارًا لِي أُجَاوِرُهُ * أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ أُغْضِي إِذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ * حَتَّى يوارى جارتي الخدر (٢)


(١) أمارس: أعالج.
وأعزها: أغلبها (٢) ينْسب هَذَانِ البيتان باخْتلَاف لمسكين الدَّارمِيّ فِي أَبْيَات أُخْرَى وَهُوَ الصَّحِيح انْظُر الشّعْر وَالشعرَاء ١ / ٥٣٠ (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>