للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوَ انَّ بَنِي لِحْيَانَ كَانُوا تَنَاظَرُوا * لَقُوا عُصَبًا فِي دَارِهِمْ ذَاتَ مَصْدَقِ لَقُوا سَرَعَانًا يَمْلَأُ السَّرْبَ رَوْعُهُ * أَمَامَ طَحُونٍ كَالْمَجَرَّةِ فَيْلَقِ (١) وَلَكنهُمْ كَانُوا وبارا تتبعت * شعاب حجاز غَيْرِ ذِي مُتَنَفَّقِ (٢)

غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يُقِمْ بِهَا إِلَّا لَيَالِيَ قَلَائِلَ حَتَّى أَغَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ فِي خَيْلٍ مِنْ غَطَفَانَ عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَابَةِ، وَفِيهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَقَتَلُوا الرَّجُلَ وَاحْتَمَلُوا الْمَرْأَةَ فِي اللِّقَاحِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بن قَتَادَة وَعبد الله بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ - كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ بَعْضَ الْحَدِيثِ - أَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ نَذِرَ بِهِمْ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ الْأَسْلَمِيُّ، غَدَا يُرِيدُ الْغَابَةَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ وَمَعَهُ غُلَامٌ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَعَهُ فَرَسٌ لَهُ يَقُودُهُ، حَتَّى إِذَا عَلَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ نَظَرَ إِلَى بَعْضِ خُيُولِهِمْ فَأَشْرَفَ فِي نَاحِيَةِ سَلْعٍ ثُمَّ صَرَخَ: وَاصَبَاحَاهُ! ثُمَّ خَرَجَ يَشْتَدُّ فِي آثَارِ الْقَوْمِ وَكَانَ مِثْلَ السَّبُعِ، حَتَّى لَحِقَ بالقوم فَجعل يردهم بِالنَّبلِ وَيَقُول: خُذْهَا وَانَا ابْنُ الْأَكْوَعْ * الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ فَإِذَا وُجِّهَتِ الْخَيْلُ نَحْوَهُ انْطَلَقَ هَارِبًا ثُمَّ عَارَضَهُمْ فَإِذَا أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى ثُمَّ قَالَ: خُذْهَا وَانَا ابْنُ الْأَكْوَعْ * الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ قَالَ: فَيَقُول قَائِلهمْ: أَو يكعنا (٣) هُوَ أول النَّهَار.


(١) السرعان: أَوَائِل الْخَيل.
والسرب: الْقلب.
والطحون: الكتيبة الْعَظِيمَة.
والمجرة: بَاب السَّمَاء.
وَالْفَيْلَق: الكتيبة.
(٢) الوبار: جمع وبر وَهِي دويبة كالسنور.
والشعاب: جمع شعب.
والمتنفق: الْمخْرج.
(٣) يكعنا: يخوفنا، أَو يصرفنا عَن غايتنا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>