للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ قَالَ: جَرِّدُوهُ.

فَإِذَا هُوَ مختتن فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي قَدْ أُرِيتُ لَا مَا تَقُولُونَ، أَعْطِهِ ثَوْبَهُ، انْطَلِقْ لِشَأْنِكَ.

ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ لَهُ: قَلِّبْ لِيَ الشَّامَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ حَتَّى تَأْتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِ هَذَا أَسْأَلُهُ (١) عَنْ شَأْنِهِ.

* * * قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي وَأَصْحَابِي لَبِغَزَّةَ إِذْ هَجَمَ عَلَيْنَا فَسَأَلَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَسَاقَنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا.

فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ رَجُلٍ قَطُّ أَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أَدْهَى مِنْ ذَلِكَ الْأَغْلَفِ - يُرِيدُ هِرَقْلَ - قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَالَ: أَيُّكُمْ أَمَسُّ بِهِ رَحِمًا؟ فَقُلْتُ: أَنَا.

قَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي.

قَالَ: فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ أَمر أَصْحَابِي فَأَجْلَسَهُمْ خَلَفِي وَقَالَ: إِنْ كَذَبَ فَرُدُّوا عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَقَدْ عَرَفْتُ أَنِّي لَوْ كذبت مَا ردوا على، وَلَكِنِّي كنت امْرَءًا سَيِّدًا أَتَكَرَّمُ وَأَسْتَحِي مِنَ الْكَذِبِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ أَدْنَى مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَرْوُوهُ عَنِّي ثُمَّ يَتَحَدَّثُوا بِهِ عَنِّي بِمَكَّةَ، فَلَمْ أَكْذِبْهُ.

فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ فِيكُمْ.

فَزَهَّدْتُ لَهُ شَأْنَهُ وَصَغَّرْتُ لَهُ أَمْرَهُ [فَوَاللَّهِ مَا الْتَفَتَ إِلَى ذَلِكَ مِنِّي وَقَالَ لِي: أَخْبِرْنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِهِ (٢) ] فَقُلْتُ: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ.

فَقَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ فَقُلْتُ: مَحْضًا مِنْ أَوْسَطِنَا نَسَبًا.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، هَلْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَحَدٌ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ فَهُوَ يَتَشَبَّهُ بِهِ؟ فَقلت: لَا.


(١) ا: فأسأله.
(٢) سقط من المطبوعة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>