للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ، وَأَمَّا أَنَا فَعَزَمْتُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَلَمْ يُوَافِقْنِي فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا، الْبِرَّ أَبْغِي لَا الْخَال، فَهَلْ مُهَجِّرٌ كَمَنْ قَالَ؟ ! آمَنْتُ بِمَا آمَنَ بِهِ إبراهم وَهُوَ يَقُول: أنفى لَك عَانٍ رَاغِمُ، مَهْمَا تُجَشِّمْنِي فَإِنِّي جَاشِمُ، ثُمَّ يَخِرُّ فَيَسْجُدُ.

قَالَ وَجَاءَ ابْنُهُ يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ أَحَدَ الْعَشْرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَمَا رَأَيْتَ وَكَمَا بَلَغَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ، قَالَ: " نَعَمْ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ (١) ".

قَالَ: وَأَتَى زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَهُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ سُفْرَةٍ لَهُمَا، فَدَعَوَاهُ لِطَعَامِهِمَا فَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو: يَا ابْنَ أَخِي أَنَا لَا آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ (٢) .

وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو، حَدَّثَنى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى ابْن ميسرَة، عَن ابْن أَبى مليكَة، عَن حجر بْنِ أَبِيِ إِهَابٍ.

قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو وَأَنَا عِنْدَ صَنَمِ بُوَانَةَ بَعْدَمَا رَجَعَ مِنَ الشَّامِ، وَهُوَ يُرَاقِبُ الشَّمْسَ فَإِذَا زَالَتِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذِهِ قُبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، لَا أَعْبُدُ حَجَرًا وَلَا أُصَلِّي لَهُ وَلَا آكُلُ مَا ذُبِحَ لَهُ وَلَا أستقسم الازلام، وَإِنَّمَا أصلى لهَذَا الْبَيْت حَتَّى أَمُوت.

وَكَانَ يحجّ


(١) خَ ط: وَاحِدَة (٢) هُنَا يَأْتِي اعْتِرَاض: كَيفَ وفْق الله زيدا إِلَى ترك أكل مَا ذبح على النصب وَمَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أولى بِهَذِهِ الْفَضِيلَة فِي الْجَاهِلِيَّة؟ وَقد أجَاب السُّهيْلي بِوَجْهَيْنِ: الاول أَنه لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل مِنْهَا وَإِنَّمَا فِي الحَدِيث أَن زيدا قَالَ حِين قدمت السفرة: لَا آكل مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ.
والثانى: أَن زيدا إِنَّمَا فعل ذَلِك برأى رَآهُ لَا بشرع مُتَقَدم، وَإِنَّمَا تقدم شرع إِبْرَاهِيم بِتَحْرِيم الْميتَة
لَا بِتَحْرِيم مَا ذبح لغير الله، وَإِنَّمَا نزل تَحْرِيم ذَلِك فِي الاسلام، وَبَعض الاصوليين يَقُولُونَ الاشياء قبل وُرُود الشَّرْع على الاباحة.
انْظُر الرَّوْض الانف ١ / ١٤٧ (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>