للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَاحِبَ رَحْلِهِمْ، وَأَبُو حَارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ وَكَانَ أُسْقُفَّهُمْ وَحَبْرَهُمْ وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بكر بن وَائِل وَلَكِن دخل دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ فَعَظَّمَتْهُ الرُّومُ وَشَرَّفُوهُ وَبَنَوْا لَهُ الْكَنَائِسَ وَمَوَّلُوهُ وَأَخْدَمُوهُ لِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ صَلَابَتِهِ فِي دِينِهِمْ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَعْرِفُ أَمْرَ (١) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِن صده الشّرف والجاه من

اتِّبَاعِ الْحَقِّ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ (٢) ، عَنْ كُرْزِ (٣) بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ نَصَارَى نَجْرَانَ سِتُّونَ رَاكِبًا مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ مِنْهُم ثَلَاثَة نفر إِلَيْهِم يؤول أَمْرُهُمْ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ وَأَبُو حَارِثَةَ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ أُسْقُفُّهُمْ وَصَاحِبُ مِدْرَاسِهِمْ (٤) وَكَانُوا قد شرفوه فيهم ومولوه وأكرموه، وَبَسَطُوا عَلَيْهِ الْكَرَامَاتِ وَبَنَوْا لَهُ الْكَنَائِسَ لِمَا بَلَغَهُمْ عَنْهُ مِنْ عِلْمِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي دِينِهِمْ.

فَلَمَّا تَوَجَّهُوا مِنْ نَجْرَانَ جَلَسَ أَبُو حَارِثَةَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَإِلَى جَنْبِهِ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ يُسَايِرُهُ، إِذْ عَثَرَتْ بَغْلَةُ أَبِي حَارِثَةَ، فَقَالَ كُرْزٌ: تَعِسَ الْأَبْعَدُ - يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَقَالَ لَهُ أَبُو حَارِثَةَ: بَلْ أَنْتَ تَعِسْتَ.

فَقَالَ لَهُ كُرْزٌ: وَلِمَ يَا أَخِي؟ فَقَالَ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ.

فَقَالَ لَهُ كُرْزٌ: وَمَا يَمْنَعُكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، شَرَّفُونَا وَمَوَّلُونَا وَأَخْدَمُونا، وَقَدْ أَبَوْا إِلَّا خِلَافَهُ، وَلَوْ فَعَلْتُ نَزَعُوا مِنَّا كُلَّ مَا تَرَى.

قَالَ: فَأَضْمَرَ عَلَيْهَا مِنْهُ أَخُوهُ كُرْزٌ، حَتَّى أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِك.


(١) ا: أُمُور (٢) ا: السيلمانى.
(٣) ابْن هِشَام: كوز.
(٤) غيرا:.
مدارستهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>