للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَذَا وَكَذَا.

ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا كُنَّا خَائِفِينَ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ.

فَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا رَوَاهُ على رضى الله عَنْهُمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحْرَمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَأمره عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يَمْكُثَ حَرَامًا، وَأَشْرَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدْيِهِ.

كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالسُّقْيَا وَهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ دَقِيقًا وَخَبَطًا (١) ، فَقَالَ: هَذَا عُثْمَان ابْن عَفَّانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

فَخَرَجَ عَلِيٌّ وَعَلَى يَدِهِ أَثَرُ الدَّقِيقِ

وَالْخَبَطِ - مَا أَنْسَى أَثَرَ الدَّقِيقِ وَالْخَبَطِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ - حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: أَنْتَ تَنْهَى أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: ذَلِكَ رَأْيِي فَخَرَجَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا وَهُوَ يَقُول: ليبيك اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا.

وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه: حَدثنَا يحيى بن معِين، حَدثنَا حجاج، حَدثنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيمن.

فدكر الْحَدِيثَ فِي قُدُومِ عَلِيٍّ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: إِنِّي قَدْ سقت الْهدى وقرنت.


(١) البكرات: الابل الْفتية.
وينجع: يسقى.
والخبط: ورق الشّجر ينفض ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق وَغَيره، ثمَّ تسقاه الابل.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>