عَنْ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ ثمَّ قبل يَده.
قَالَ: وَمَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ.
فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض الطوافات، أَو فِي آخر استلام فعل مثل هَذَا.
لما ذَكَرْنَا أَوْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْحَجَرِ لِضَعْفٍ كَانَ بِهِ، أَوْ لِئَلَّا يُزَاحِمَ غَيْرَهُ فَيَحْصُلُ لِغَيْرِهِ أَذًى بِهِ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَالِدِهِ، مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا بِمَكَّةَ فِي إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلَّا فَاسْتَقْبلهُ وَكَبِّرْ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، لَكِنَّ رَاوِيَهُ عَنْ عُمَرَ مُبْهَمٌ لَمْ يُسَمَّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ثِقَةٌ جَلِيلٌ، فَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ
الْعَبْدِيِّ وَاسْمُهُ وَقْدَانُ، سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى مَكَّةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُول الله لِعُمَرَ: يَا أَبَا حَفْصٍ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، فَلَا تُزَاحِمْ عَلَى الرُّكْنِ، فَإِنَّكَ تُؤْذِي الضَّعِيفَ، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلَّا فَكَبِّرْ وَامْضِ.
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، كَانَ الْحَجَّاجُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا مُنْصَرَفَهُ مِنْهَا حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا جَلِيلًا نَبِيلًا كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَكَانَ أَحَدَ النَّفَرِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ نَدَبَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي نَفَّذَهَا إِلَى الْآفَاقِ وَوَقَعَ عَلَى مَا فعله الاجماع والاتفاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute