بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ يَخُبُّ ثَلَاثًا وَيَمْشِي أَرْبَعًا.
فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِهِ أحد قبله، من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام خَبَّ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَشَى أَرْبَعًا.
ثُمَّ مَعَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَدَدَ الرَّمَلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْصُوصًا، وَلَكِنَّهُ مُتَّفق عَلَيْهِ.
هَذَا لَفظه.
فَإِن أَرَادَ بِأَن الرمل فِي الثَّلَاث الطوفات الْأُوَلِ، عَلَى مَا ذَكَرَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْدِي لَهُ شَيْئًا وَلَا يُحَصِّلُ لَهُ مَقْصُودًا، فَإِنَّهُمْ كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى الرَّمَلِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي بَعْضِهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، كَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ أَيْضًا.
فَتَخْصِيصُ ابْنِ حَزْمٍ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ بِاسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِيهَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ رَاكِبًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ.
أَخْرَجَاهُ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ: إِنْ أَسْعَى فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُول الله يَسْعَى، وَإِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي.
وَقَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى.
رَوَاهُ مُسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute