صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ تَقَدَّمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا ذَبَحَ تِلْكَ الْإِبِلَ الْمِائَةَ عَنْ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ، حِينَ كَانَ نَذَرَ ذَبْحَهُ فَسَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لِمَا كَانَ قُدِّرَ فِي الْأَزَلِ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمِ الرُّسُلِ وَسيد ولد آدم من صلبه، ذهب كَمَا تَقَدَّمَ فَزَوَّجَهُ أَشْرَفَ عَقِيلَةٍ فِي قُرَيْشٍ، آمِنَة بنت وهب بن عبد منَاف بن زُهْرَةِ الزُّهْرِيَّةَ، فَحِينَ دَخَلَ بِهَا وَأَفْضَى إِلَيْهَا حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ كَانَت أم قتال رُقَيْقَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ، أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، تَوَسَّمَتْ مَا كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ آمِنَةَ مِنَ النُّورِ، فَوَدَّتْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِهَا لِمَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا مِنَ الْبِشَارَاتِ بِوُجُودٍ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ قَدْ أَزِفَ زَمَانُهُ فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: لِيَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا انْتَقَلَ ذَلِكَ النُّورُ الْبَاهِرُ إِلَى آمِنَةَ بِمُوَاقَعَتِهِ إِيَّاهَا كَأَنَّهُ نَدم عَلَى مَا كَانَتْ عَرَضَتْ
عَلَيْهِ.
فَتَعَرَّضَ لَهَا لِتُعَاوِدَهُ.
فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ.
وَتَأَسَّفَتْ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَنْشَدَتْ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الشِّعْرِ الْفَصِيحِ الْبَلِيغِ.
وَهَذِهِ الصِّيَانَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ لَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسَالَته ".
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طَرِيقٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ ".
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ تُوُفِّيَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، هُوَ الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ اليزيدى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute