فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أُمُورٍ مُهِمَّةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاته وَقبل دَفنه عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَيْمَنِهَا بَرَكَةً عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا مَاتَ كَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ صَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ قَدْ أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِفَاقَةً مِنْ غَمْرَةِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْوَجَعِ، وَكَشَفَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ وَنَظَرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَتَبَسَّمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَتَّى هَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَتْرُكُوا مَا هم فِيهِ من الصَّلَاة لفرحهم بِهِ، حَتَّى أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِيَصِلَ الصَّفَّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْكُثُوا كَمَا هُمْ وَأَرْخَى الستارة، وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الصَّلَاةِ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ لِعَائِشَةَ: مَا أَرَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا قَدْ أَقْلَعَ عَنْهُ مِنَ الْوَجَعِ، وَهَذَا يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ، يَعْنِي إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ، وَكَانَتْ سَاكِنَةً بِالسُّنْحِ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ.
فَرَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقِيلَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَمَّا مَاتَ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ قَائِلٍ: لَمْ يَمُتْ.
فَذَهَبَ سَالِمُ بْنُ عُبَيْدٍ وَرَاءَ الصِّدِّيقِ إِلَى السُّنْحِ فَأَعْلَمَهُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ الصِّدِّيقُ مِنْ مَنْزِلِهِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute