للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَّةُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطباع، حَدثنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى رَحْلِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ

ابْن عَوْفٍ فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَنْتَظِرُهُ، وَذَلِكَ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا.

فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رِعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، وَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا قُمْتَ فِي النَّاسِ، فَأَخْشَى أَنْ تَقُولَ مَقَالَةً يَطِيرُ بِهَا أُولَئِكَ فَلَا يَعُوهَا وَلَا يَضَعُوهَا مَوَاضِعَهَا، وَلَكِنْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَتَخْلُصُ بِعُلَمَاءِ النَّاس وأشرافهم، فَتَقول مَا قلت مُتَمَكنًا، فيعوا مَقَالَتك ويضعوها موَاضعهَا.

قَالَ عمر: لَئِن قدمت الْمَدِينَة صَالِحًا لَأُكَلِّمَنَّ بِهَا النَّاسَ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ.

فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ صَكَّةَ الْأَعْمَى (١) .

قُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا صَكَّةُ الْأَعْمَى؟ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَالِي أَيَّ سَاعَةً خَرَجَ لَا يعرف الْحر وَالْبرد أَو نَحْو هَذَا.


(١) الصكة: شدَّة الهاجرة.
وفى الْقَامُوس: وتضاف إِلَى عمى، رجل من العمالقة أغار على قوم فِي الظهيرة فاجتاحهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>