وَشَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبى طَالب يكلؤه الله ويحفظه ويحوط من أُمُور الْجَاهِلِيَّة معائبها لِمَا يُرِيدُ مِنْ كَرَامَتِهِ.
حَتَّى بَلَغَ أَنْ كَانَ رجلا أفضل قومه مُرُوءَة، وَأَحْسَنهمْ خلقا، وَأَكْرَمَهُمْ مُخَالَطَةً، وَأَحْسَنَهُمْ جِوَارًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا وَأَمَانَةً، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَبْعَدَهُمْ مِنَ الْفُحْشِ وَالْأَذَى.
مَا رؤى مُلَاحِيًا وَلَا مُمَارِيًا أَحَدًا، حَتَّى سَمَّاهُ قَوْمُهُ الْأمين، لما جمع الله فِيهِ من الْأُمُور الصَّالِحَةِ.
فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُعَضِّدُهُ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أخبرنَا خَالِد بن معدان، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوْ أَبَا طَالِبٍ - شَكَّ خَالِدٌ - قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ عَطَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَكَانَ لَا يُسَافِرُ سَفَرًا إِلَّا كَانَ مَعَهُ فِيهِ.
وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الشَّامِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَأَتَاهُ فِيهِ رَاهِبٌ، فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ رَجُلًا صَالِحًا.
ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلَامِ؟ قَالَ: فَقَالَ هَا أَنَا ذَا وَلِيُّهُ - أَوْ قِيلَ هَذَا وَلِيُّهُ - قَالَ: احْتَفِظْ بِهَذَا الْغُلَامِ وَلَا تَذْهَبْ بِهِ إِلَى الشَّامِ، إِنَّ الْيَهُودَ حُسُدٌ وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ.
قَالَ: مَا أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقُولُهُ.
فَرَدَّهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَتُودِعُكَ مُحَمَّدًا.
ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ.
قِصَّةُ بَحِيرَى حَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ سِيَرِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ بَحِيرَى كَانَ حبرًا من أَحْبَار يهود.
قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاهِبًا نَصْرَانِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute