للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّهُ اخْتَطَفَهَا طَائِرٌ وَأَلْقَاهَا نَحْوَ أَجْيَادٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ: فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً اجْتَمَعَتْ قُرَيْش لبِنَاء الْكَعْبَة، وَكَانُوا يَهُمُّونَ بِذَلِكَ لِيَسْقِفُوهَا وَيَهَابُونَ هَدْمَهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ رَضْمًا (١) فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا.

وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا سَرَقُوا كَنْزَ الْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ [يكون] (٢) فِي بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ.

وَكَانَ الَّذِي وجد عِنْد الْكَنْز دويك مَوْلًى لِبَنِي مُلَيْحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ (٣) خُزَاعَةَ.

فَقَطَعَتْ قُرَيْشٌ يَدَهُ.

وَتَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّ الَّذِينَ سَرَقُوهُ وَضَعُوهُ عِنْدَ دُوَيْكٍ.

وَكَانَ الْبَحْرُ قَدْ رَمَى بِسَفِينَةٍ إِلَى جُدَّةَ لِرَجُلٍ مِنْ تُجَّارِ الرُّومِ، فَتَحَطَّمَتْ.

فَأَخَذُوا خَشَبَهَا فَأَعَدُّوهُ لِتَسْقِيفِهَا.

قَالَ الْأُمَوِيُّ: كَانَتْ هَذِهِ السَّفِينَةُ لِقَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ تَحْمِلُ آلَاتِ الْبِنَاءِ مِنَ الرُّخَامِ وَالْخَشَبِ وَالْحَدِيدِ، سَرَّحَهَا قَيْصَرُ مَعَ بَاقُومَ الرُّومِيِّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي أَحْرَقَهَا الْفُرْسُ لِلْحَبَشَةِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مَرْسَاهَا مِنْ جُدَّةَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحًا فَحَطَّمَتْهَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ بِمَكَّةَ رَجُلٌ قِبْطِيٌّ نَجَّارٌ، فَتَهَيَّأَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْضُ مَا يُصْلِحُهَا.

وَكَانَتْ حَيَّةٌ تَخْرُجُ مِنْ بِئْرِ الْكَعْبَةِ الَّتِى كَانَت تطرح فِيهَا مَا يُهْدَى إِلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَتَتَشَرَّقُ (٤) عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ مِمَّا يَهَابُونَ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ لَا يدنو مِنْهَا أحد


(١) أَي حِجَارَة نضد بَعْضهَا على بعض من غير ملاط.
(٢) من ابْن هِشَام.
(٣) ابْن هِشَام: من خُزَاعَة.
(٤) تتشرق: تبرز للشمس.
وفى ط: تتشرف، وَهُوَ خطأ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>