للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: إِذا ولد بِتِهَامَةْ، غُلَامٌ بِهِ عَلَامَةْ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ شَامَةْ، كَانَتْ لَهُ الْإِمَامَةْ، وَلَكُمْ بِهِ الزَّعَامَةْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةْ.

قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، لقد أُبْتُ بِخَيْرِ مَا آبَ بِهِ وَافِدٌ، وَلَوْلَا هَيْبَة الْملك وإجلاله وإعظامه لسألته من بشارته إِيَّايَ مَا أَزْدَادُ بِهِ سُرُورًا.

قَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ: هَذَا حِينُهُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ أوقد وُلِدَ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ، يَمُوتُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ، وَيَكْفُلُهُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ، وَلَدْنَاهُ مِرَارًا وَاللَّهُ بَاعِثُهُ جِهَارًا، وَجَاعِلٌ لَهُ مِنَّا أَنْصَارًا، يُعِزُّ بِهِمْ أَوْلِيَاءَهُ وَيُذِلُّ بِهِمْ أَعْدَاءَهُ، وَيَضْرِبُ بِهِمُ النَّاسَ عَنْ عُرْضٍ، وَيَسْتَبِيحُ بِهِمْ كَرَائِمَ الْأَرْضِ، يَكْسِرُ الْأَوْثَانَ ويخمد النيرَان، يعبد الرَّحْمَنَ وَيَدْحَرُ الشَّيْطَانَ، قَوْلُهُ فَصْلٌ، وَحُكْمُهُ عَدْلٌ، يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَفْعَلُهُ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُبْطِلُهُ.

فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: أَيُّهَا الْمَلِكُ - عَزَّ جَدُّكَ، وَعَلَا كَعْبُكَ، وَدَامَ مُلْكُكَ، وَطَالَ عُمُرُكَ [فَهَذَا نجارى] (١) فَهَل الْملك سَار (٢) لى بإفصاح فقد أوضح لِي بَعْضَ الْإِيضَاحِ.

فَقَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ: وَالْبَيْت ذى الْحجب والعلامات على النصب (٣) إِنَّكَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَجَدُّهُ غَيْرَ كَذِبٍ فَخَرَّ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَاجِدًا فَقَالَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، ثَلَجَ صَدْرُكَ، وَعَلَا أَمْرُكَ، فَهَلْ

أَحْسَسْتَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْتُ لَكَ؟ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كَانَ لِيَ ابْنٌ وَكُنْتُ بِهِ مُعْجَبًا وَعَلَيْهِ رَفِيقَا، فَزَوَّجْتُهُ كَرِيمَةً مَنْ كَرَائِمِ قَوْمِهِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ سَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا، فَمَاتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَكَفَلْتُهُ أَنَا وَعَمُّهُ.

قَالَ ابْنُ ذِي يَزَنَ: إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكَ كَمَا قُلْتَ، فاحتفظ بابنك وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُود،


(١) لَيست فِي الاكتفا وَلَا فِي الدَّلَائِل وَلَا فِي الوفا.
والنجار: الاصل.
(٢) المراجع: سارى.
(٣) ط خَ: النقب وَهُوَ تَحْرِيف.
وَمَا أثْبته عَن المراجع السَّابِقَة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>