للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ، هَلْ تُحْسِنُ (١) الْيَوْمَ مَنْ كَهَانَتِكَ شَيْئًا.

فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا اسْتَقْبَلْتَ أَحَدًا مِنْ جُلَسَائِكَ بِمِثْلِ مَا اسْتَقْبَلْتَنِي بِهِ.

قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا سَوَادُ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ شِرْكِنَا أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ، وَاللَّهِ يَا سَوَادُ لَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ إِنَّهُ لَعَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ.

قَالَ: إِي وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَعَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ.

قَالَ: فَحَدِّثْنِيهِ.

قَالَ: كُنْتُ كَاهِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي نَجِيِّي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا سَوَادُ اسْمَعْ أَقُلْ لَكَ، قُلْتُ: هَات.

قَالَ: عجبت للجن وإيجاسها (٢) * وَرَحْلِهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا

تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى * مَا مُؤْمِنُوهَا مِثْلَ أَرْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ * وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا قَالَ: فَنِمْتُ وَلَمْ أَحْفِلْ بِقَوْلِهِ شَيْئًا.

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ لِي: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ اسْمَعْ أَقُلْ لَكَ.

قُلْتُ: هَاتِ.

قَالَ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا * وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى * مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ * لَيْسَ الْمَقَادِيمُ كَأَذْنَابِهَا قَالَ: فَحَرَّكَ قَوْلُهُ مِنِّي شَيْئًا، وَنِمْتُ.

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ أَتَعْقِلُ أَمْ لَا تَعْقِلُ؟ قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: ظَهَرَ بِمَكَّةَ نَبِيٌّ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ فَالْحَقْ بِهِ، اسْمَعْ أَقُلْ لَكَ.

قُلْتُ: هَاتِ.

قَالَ:


(١) لَعَلَّهَا: هَل تحس.
بِدَلِيل قَوْله بعد: هَل تحس الْيَوْم مِنْهَا بشئ.
(٢) ط: وأنجاسها.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>