للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَامِثٍ؟ فَقُلْنَا: وَمَنْ لَنَا بِهَا؟ فَقَالَ شَيْخٌ مِنَّا: هِيَ وَاللَّهِ عِنْدِي عَفِيفَةُ الْأُمِّ فَقُلْنَا فَعَجِّلْهَا.

فَأَتَى بِالْجَارِيَةِ وَطَلَعَ الْجَبَلَ وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: اطرحي ثَوْبك واخرجي فِي وُجُوههم، وَقَالَ للْقَوْم: اتَّبِعُوا أَثَرَهَا، وَقَالَ لِرَجُلٍ مِنَّا يُقَالَ لَهُ أَحْمد بن حَابِس: يَا أَحْمد بن حَابِس، عَلَيْك أول فَارس.

فَحمل أَحْمد فَطَعَنَ أَوَّلَ فَارِسٍ فَصَرَعَهُ وَانْهَزَمُوا فَغَنِمْنَاهُمْ.

قَالَ: فَابْتَنَيْنَا عَلَيْهِمْ بَيْتًا وَسَمَّيْنَاهُ ذَا الْخَلَصَةِ، وَكَانَ لَا يَقُولُ لَنَا شَيْئًا إِلَّا كَانَ كَمَا يَقُولُ.

حَتَّى إِذَا كَانَ مَبْعَثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَنَا يَوْمًا: يَا مَعْشَرَ دَوْسٍ، نزلت بَنو الْحَارِث ابْن كَعْب.

فَرَكبْنَا فَقَالَ لنا: اكدسوا الْخَيل كدسا، واحشوا الْقَوْم رمسا، انفوهم غَدِيَّةً، وَاشْرَبُوا الْخَمْرَ عَشِيَّةً.

قَالَ: فَلَقِينَاهُمْ فَهَزَمُونَا وَغَلَبُونَا فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: مَا حَالُكَ وَمَا الَّذِي صَنَعْتَ بِنَا؟ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ وَقَدِ احْمَرَّتْ عَيناهُ، وانتصبت أذنَاهُ وانبرم غضبانا حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْفَطِرَ وَقَامَ.

فَرَكِبْنَا وَاغْتَفَرْنَا هَذِهِ لَهُ وَمَكَثْنَا بَعْدَ ذَلِكَ حِينًا، ثُمَّ دَعَانَا فَقَالَ: هَلْ لَكَمَ فِي غَزْوَةٍ تَهَبُ لَكُمْ عِزًّا وَتَجْعَلُ لَكُمْ حِرْزًا وَيَكُونُ فِي أَيْدِيكُمْ كَنْزًا؟ فَقُلْنَا: مَا أَحْوَجَنَا إِلَى ذَلِكَ.

فَقَالَ ارْكَبُوا.

فَرَكِبْنَا فَقُلْنَا: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: بَنُو الْحَارِثِ بْنِ مَسْلَمَةَ.

ثُمَّ قَالَ: قِفُوا، فَوَقَفْنَا ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِفَهْمٍ، ثُمَّ قَالَ لَيْسَ لكم فيهم دم، عَلَيْكُمْ بِمُضَرَ، هُمْ أَرْبَابُ خَيْلٍ وَنَعَمٍ.

ثُمَّ قَالَ: لَا، رَهْطُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ قَلِيلُ الْعَدَدِ وَفِيُّ الذِّمَّةِ.

ثُمَّ قَالَ لَا،

وَلَكِنْ عَلَيْكُم بكعب بن ربيعَة وأسكنوها ضَيْعَة عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَلْيَكُنْ بِهِمُ الْوَقِيعَةُ.

قَالَ: فَلَقِينَاهُمْ فَهَزَمُونَا وَفَضَحُونَا، فَرَجَعْنَا وَقُلْنَا: وَيْلَكَ مَاذَا تَصْنَعُ بِنَا.

قَالَ: مَا أَدْرِي كَذَبَنِي الَّذِي يَصْدُقُنِي.

اسْجُنُونِي فِي بَيْتِي ثَلَاثًا ثُمَّ ائْتُونِي.

فَفَعَلْنَا بِهِ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ ففتحنا عَنهُ فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ حجرَة نَارٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>