للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: يَا سَطِيحُ فَمِنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ لَهُم: وَالْبَيْت ذى الاركان، والامن والسكان، لينشأن مِنْ عَقِبِكُمْ وِلْدَانٌ، يَكْسِرُونَ الْأَوْثَانَ، وَيُنْكِرُونَ عِبَادَةَ الشَّيْطَانِ، وَيُوَحِّدُونَ الرَّحْمَنَ، وَيَنْشُرُونَ دِينَ الدَّيَّانِ، يُشْرِفُونَ الْبُنْيَانَ، وَيَسْتَفْتُونَ الْفِتْيَانَ.

قَالُوا: يَا سَطِيحُ مِنْ نَسْلِ مَنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ قَالَ: وَأَشْرَفِ الْأَشْرَافِ، والمفضى للاشراف، وَالْمُزَعْزِعِ الْأَحْقَافِ، وَالْمُضْعِفِ

الْأَضْعَافِ، لَيَنْشَؤُنَّ الْآلَافُ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدِ مَنَافٍ، نُشُوءًا يَكُونُ فِيهِ اخْتِلَاف.

فالوا: يَا سوأتاه يَا سطيح مِمَّا تُخْبِرُنَا مِنَ الْعِلْمِ بِأَمْرِهِمْ، وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ يَخْرُجُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ: وَالْبَاقِي الْأَبَدْ، وَالْبَالِغِ الْأَمَدْ، لَيَخْرُجَنَّ مَنْ ذَا الْبَلَدْ، فَتًى يَهْدِي إِلَى الرَّشَدْ، يَرْفُضُ يَغُوثَ وَالْفِنَدْ، يَبْرَأُ مِنْ عِبَادَةِ الضِّدّ، يَعْبُدُ رَبًّا انْفَرَدْ، ثُمَّ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ مَحْمُودًا، مِنَ الْأَرْضِ مَفْقُودًا، وَفِي السَّمَاءِ مَشْهُودًا.

ثُمَّ يلى أمره الصّديق إِذا قضى صدق، فِي رَدِّ الْحُقُوقِ لَا خَرِقٌ وَلَا نَزِقْ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ الْحَنِيفْ، مُجَرِّبٌ غِطْرِيفْ، وَيَتْرُكُ قَوْلَ الْعَنِيفْ، قَدْ ضَافَ الْمَضِيفْ، وَأَحْكَمَ التَّحْنِيفْ.

ثُمَّ يلى أمره دَاعيا لامره مجربا، فتجتمع لَهُ جُمُوعًا وَعُصَبًا، فَيَقْتُلُونَهُ نِقْمَةً عَلَيْهِ وَغَضَبًا، فَيُؤْخَذُ الشَّيْخُ فَيُذْبَحُ إِرَبًا، فَيَقُومُ بِهِ رِجَالٌ خطبا.

ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ النَّاصِرْ، يَخْلِطُ الرَّأْي بِرَأْي المناكر، يُظْهِرُ فِي الْأَرْضِ الْعَسَاكِرْ، ثُمَّ يَلِي بَعْدَهُ ابْنُهُ يَأْخُذُ جَمْعَهُ وَيَقِلُّ حَمْدُهُ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ وَيَأْكُل وَحده، وَيكثر المَال بعقبه مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ يَلِي مِنْ بَعْدِهِ عِدَّةُ مُلُوكْ، لَا شَكَّ الدَّمُ فِيهِمْ مَسْفُوكْ، ثُمَّ بَعْدِهِمُ الصُّعْلُوكْ، يَطْوِيهِمْ كَطَيِّ الدُّرْنُوكْ (١) .

ثُمَّ يَلِي من بعده عظهور (٢) يقْضى الْحق ويدنى مصر، يَفْتَتِحُ الْأَرْضَ افْتِتَاحًا مُنْكَرًا، ثُمَّ يَلِي قَصِيرُ الْقَامَةْ، بِظَهْرِهِ عَلَامَةْ، يَمُوتُ مَوْتًا وَسَلَامَةْ.

ثُمَّ يلى قَلِيلا باكر، يتْرك الْملك بائر، يلى أَخُوهُ بسنته سَائِر، يَخْتَصُّ بِالْأَمْوَالِ وَالْمَنَابِرْ ثُمَّ يَلِي مِنْ بَعْدِهِ أهوج،


(١) الدرنوك: نوع من الْبسط لَهُ خمل.
(٢) الْمَوْجُود فِي المعاجم: عظير كإردب، وَهُوَ القوى الغليظ (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>