للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يَا ابْن الْعم واثبت، فو الذى نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنَّ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي يَا خَدِيجَةُ لِقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ.

فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ.

فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهُ وَانْصَرَفَ صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا، فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ.

فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى، وَلَتُكَذَّبَنَّهْ وَلَتُؤْذَيَنَّهْ وَلَتُخْرَجَنَّهْ وَلَتُقَاتَلَنَّهْ (١) ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ.

ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَ يَأْفُوخَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْيَقَظَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَنَامَ كَانَ بَعْدَ مَا رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ صَبِيحَةَ لَيْلَتَئِذٍ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بعده بِمدَّة.

وَالله أعلم.


(١) الْهَاء هُنَا للسكت.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>