للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ.

كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ عَنْهُمُ الْجِبَالُ فَيَزْدَرِعُوا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَسْتَأْنِيَ بِهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَن تؤتيهم الذى سَأَلُوا فَإِن كفرُوا هَلَكُوا كَمَا أهلكت من قبلهم الامم.

قَالَ: " لَا بَلْ أَسَتَأْنِي بِهِمْ ".

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ، وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (١) ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث جرير.

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عمرَان ابْن حَكِيم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِنُ بِكَ.

قَالَ: وتفعلوا؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ الصَّفَا لَهُمْ ذَهَبًا، فَمَنْ كفر مِنْهُم بعد ذَلِك أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ.

قَالَ: " بل التَّوْبَة وَالرَّحْمَة ".


(١) سُورَة الاسراء ٥٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>