وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ يَوْمَ مَاتَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَلِهَذَا صلى عَلَيْهِ.
قَالُوا: فَالْغَائِبُ إِنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ لَا تُشْرَعُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِبَلَدٍ أُخْرَى، وَلِهَذَا لَمْ يُصَلَّ [عَلَى] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ، لَا أَهْلُ مَكَّةَ وَلَا غَيْرُهُمْ، وَهَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صُلِّيَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي صُلِّيَ عَلَيْهِ فِيهَا.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * قُلْتُ: وَشُهُودُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّجَاشِيِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا مَاتَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ [فِي السَّنَةِ] الَّتِي قَدِمَ [فِيهَا] بَقِيَّةُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى الْحَبَشَةِ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ.
وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أُسَرُّ، بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ! وَقَدِمُوا مَعَهُمْ بِهَدَايَا وَتُحَفٍ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصُحْبَتُهُمْ أَهْلُ السَّفِينَةِ الْيَمَنِيَّةِ أَصْحَابُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَوْمُهُ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَمَعَ جَعْفَرٍ وهدايا النَّجَاشِيّ: ابْن أخى النَّجَاشِيّ ذُو نختر أَوْ ذُو مِخْمَرٍ، أَرْسَلَهُ لِيَخْدِمَ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِوَضًا عَنْ عَمِّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَرْضَاهُمَا.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: تُوُفِّيَ النَّجَاشِيُّ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute