للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ روى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُونُس، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق قَالَ: لما مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِي بُعِثَ بِهِ وَقَامَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ دُونَهُ، وَأَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوهُ، وَهُمْ مِنْ خِلَافِهِ عَلَى مِثْلِ مَا قَوْمُهُمْ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنهم اتَّقوا أَنْ يَسْتَذِلُّوا وَيُسْلِمُوا أَخَاهُمْ لِمَا قَارَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ.

فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمطلب، وَعرفت قُرَيْش أَلا سَبِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمطلب: أَلا يناكحوهم وَلَا ينكحوا إِلَيْهِم وَألا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ، وَكَتَبُوا صَحِيفَةً فِي ذَلِكَ وَعَلَّقُوهَا بِالْكَعْبَةِ.

ثُمَّ عَدَوْا عَلَى مَنْ أسلم فأوثقوهم وآذوهم، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الْبلَاء وَعَظُمَتِ الْفِتْنَةُ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا.

ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا فِي دُخُولِهِمْ شِعْبَ أَبِي طَالِبٍ وَمَا بَلَغُوا فِيهِ مِنْ فِتْنَةِ الْجَهْدِ

الشَّدِيدِ، حَتَّى كَانَ يُسْمَعُ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ يَتَضَاغَوْنَ مِنْ رواء الشِّعْبِ مِنَ الْجُوعِ.

حَتَّى كَرِهَ عَامَّةُ قُرَيْشٍ مَا أَصَابَهُمْ وَأَظْهَرُوا كَرَاهِيَتَهُمْ لِصَحِيفَتِهِمُ الظَّالِمَةِ.

وَذَكَرُوا أَنَّ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ أَرْسَلَ عَلَى صَحِيفَةِ قُرَيْشٍ الْأَرَضَةَ، فَلَمْ تَدَعْ فِيهَا اسْمًا هُوَ لِلَّهِ إِلَّا أَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ فِيهَا الظُّلْمُ وَالْقَطِيعَةُ وَالْبُهْتَانُ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْقِصَّةِ كَرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَأَتَمَّ.

* * * وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ زِيَاد عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق: فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلُوا بَلَدًا أَصَابُوا مِنْهُ (١)


(١) ابْن هِشَام: أَصَابُوا بِهِ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>