للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا تَبِنْ مِنَّا وَمِنْكُمْ سَوَالِفٌ * وَأَيْدٍ أُتِرَّتْ بِالْقُسَاسِيَّةِ الشُّهْبِ (١) بِمُعْتَرَكٍ ضَيْقٍ تَرَى كِسَرَ الْقَنَا * بِهِ وَالنُّسُورَ الطُّخْمَ يَعْكُفْنَ كَالشَّرْبِ (٢) كَأَنَّ مُجَالَ (٣) الْخَيْلِ فِي حَجَرَاتِهِ * وَمَعْمَعَةَ الْأَبْطَالِ مَعْرَكَةُ الْحَرْبِ (٣) أَلَيْسَ أَبُونَا هَاشِمٌ شَدَّ أَزْرَهُ * وَأَوْصَى بَنِيهِ بِالطِّعَانِ وَبِالضَّرْبِ وَلَسْنَا نَمْلُّ الْحَرْبَ حَتَّى تَمَلَّنَا * وَلَا نَشْتَكِي مَا قَدْ يَنُوبُ مِنَ النَّكْبِ وَلَكِنَّنَا أَهْلُ الْحَفَائِظِ وَالنُّهَى * إِذَا طَارَ أَرْوَاحُ الكماة من الرعب * * * قَالَ ابْن إِسْحَق: فَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، حَتَّى جهدوا وَلم يصل إِلَيْهِم شئ إِلَّا سِرًّا مُسْتَخْفِيًا بِهِ مَنْ أَرَادَ صِلَتَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.

وَقَدْ كَانَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فِيمَا يَذْكُرُونَ، لَقِيَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ مَعَهُ غُلَامٌ يَحْمِلُ قَمْحًا يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَهِيَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ؟ وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُ أَنْتَ وطعامك حَتَّى أفضحك بِمَكَّة.

فَجَاءَهُ أبوالبخترى بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهُ؟.

فَقَالَ: يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى بنى هَاشم.

فَقَالَ لَهُ أبوالبخترى: طَعَام كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْده بعثت بِهِ إِلَيْهِ، أَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا؟ خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ.

قَالَ: فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، حَتَّى نَالَ أَحدهمَا من صَاحبه، فَأخذ أبوالبخترى لَحْيَ بِعِيرٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَشَجَّهُ وَوَطِئَهُ وَطْئًا شَدِيدا.


(١) تبن: تفصل، والسوالف: صفحات الاعناق.
وأترت: قطعت.
والقساسية: نوع من السيوف.
(٢) النسور الطخم: السود الرؤوس.
وَالشرب: الْجَمَاعَة من الْقَوْم يشربون.
(٣) الاصل: صحال.
وَلَا معنى لَهَا.
وَمَا أثْبته عَن نُسْخَة من ابْن هِشَام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>