للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ، فَيَتْلُو عَلَيْهِمُ النَّضْرُ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ رستم واسفنديار وَمَا جرى بَينهم مِنَ الْحُرُوبِ فِي زَمَنِ الْفُرْسِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مُحَمَّدٌ بِأَحْسَنَ حَدِيثًا مِنِّي، وَمَا حَدِيثه إِلَّا أساطير الاولين اكتتبتها كَمَا اكتتبها.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا (١) " وَقَوله: " ويل لكل أفاك أثيم " (٢) .

* * * قَالَ ابْن اسحق: وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا، يَوْمًا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِي الْمَسْجِدِ.

فَجَاءَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى جَلَسَ مَعَهُمْ، وَفِي الْمَجْلِسِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ.

فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ لَهُ النَّضْرُ، فَكَلَّمَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَفْحَمَهُ، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ: " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ، لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ، لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يسمعُونَ " (٣) .

ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ حَتَّى جَلَسَ.

فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ لَهُ: وَاللَّهِ مَا قَامَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ لِابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آنِفًا وَمَا قَعَدَ، وَقَدْ زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّا وَمَا نَعْبُدُ مِنْ آلِهَتِنَا هَذِهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ لَخَصَمْتُهُ، فَسَلُوا مُحَمَّدًا: أكل


(١) سُورَة الْفرْقَان ٥.
(٢) سُورَة الجاثية ٧.
(٣) سُورَة الانبياء ٩٨ - ١٠٠.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>