للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقْتَ.

فَقَالَ لَبِيدٌ: * وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ * فَقَالَ عُثْمَانُ: كَذَبْتَ، نَعِيمُ الْجَنَّةِ لَا يَزُولُ.

فَقَالَ لَبِيدٌ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا كَانَ يُؤْذَى جَلِيسُكُمْ، فَمَتَى حَدَثَ هَذَا فِيكُمْ؟ !

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّ هَذَا سَفِيهٌ فِي سُفَهَاءَ مَعَهُ، قَدْ فَارَقُوا دِينَنَا، فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ مِنْ قَوْلِهِ.

فَرَدَّ عَلَيْهِ عُثْمَانُ حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَطَمَ عَيْنَهُ فَخَضَّرَهَا، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ يَرَى مَا بَلَغَ [من] (١) عُثْمَان، فَقَالَ: أما وَالله يَابْنَ أَخِي إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ عَمَّا أَصَابَهَا لَغَنِيَّةً، وَلَقَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَنِيعَةٍ.

قَالَ: يَقُولُ عُثْمَانُ: بَلْ وَاللَّهِ إِنَّ عَيْنِيَ الصَّحِيحَةَ لَفَقِيرَةٌ إِلَى مِثْلِ مَا أَصَابَ أُخْتَهَا فِي اللَّهِ! وَإِنِّي لَفِي جِوَارِ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْكَ وَأَقْدَرُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ.

فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد: هَلُمَّ يَابْنَ أخى إِلَى جِوَارِكَ فَعُدْ.

قَالَ: لَا.

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَق: وَأَمَّا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، فَحَدَّثَنِي أَبى إِسْحَق بْنُ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ لَمَّا اسْتَجَارَ بِأَبِي طَالِبٍ مَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا طَالِبٍ، هَذَا مَنَعْتَ مِنَّا ابْنَ أَخِيكَ مُحَمَّدًا، فَمَا لَك ولصاحبنا تَمنعهُ منا؟


(١) من ابْن هِشَام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>