فِي رِوَايَات حَدِيث الاسراء بِالْجمعِ المتعدد، فَجَعَلَ ثَلَاثَ إِسْرَاءَاتٍ مَرَّةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَطْ عَلَى الْبُرَاقِ، وَمَرَّةً مِنْ مَكَّة إِلَى السَّمَاء عَلَى الْبُرَاقِ أَيْضًا لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَمَرَّةً مِنْ مَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ إِلَى السَّمَوَات.
فَنَقُولُ: إِنْ كَانَ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ لَفْظُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ صِفَاتٍ.
وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ فِيمَا جَمَعْنَاهُ مُسْتَقْصًى فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ".
وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا حَمَلَهُ أَنَّ التَّقْسِيمَ انْحَصَرَ فِي ثَلَاثِ صِفَاتٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِلَى السَّمَوَات، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْحَصْرِ الْعَقْلِيِّ الْوُقُوعُ كَذَلِكَ فِي الْخَارِجِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَالْعَجَبُ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ الْإِسْرَاءَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَوْتَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَافَقَ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي ذِكْرِهِ الْمِعْرَاجَ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ، وَخَالَفَهُ فِي ذِكْرِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ.
وَابْنُ إِسْحَاقَ أَخَّرَ ذِكْرَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْإِسْرَاءِ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ فَرَّقَ بَين الاسراء وَبَين الْمِعْرَاج، فبوب لكل وَاحِد مِنْهُمَا بَابًا عَلَى حِدَةٍ.
فَقَالَ: " بَابُ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ " وَقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى " سُبْحَانَ الَّذِي أسرى
بِعَبْدِهِ لَيْلًا " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute