لِفِرْعَوْنَ: " لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَات وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ".
وَقَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَهُمْ ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ " إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ أَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْأَى هُوَ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ.
فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمّد بن كَعْب، وَغَيرهم، فَفِيهِ نَظَرٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُمْ يَنْهَونَ النَّاسَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ.
وَبِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَتَوْجِيهُهُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ سِيقَ لِتَمَامِ ذَمِّ الْمُشْرِكِينَ، حَيْثُ كَانُوا يَصُدُّونَ النَّاسَ عَن اتِّبَاعه وَلَا يَنْتَفِعُونَ هُمْ أَيْضًا بِهِ.
وَلِهَذَا قَالَ: " وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ".
وَهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ قَوْله " وهم " يدل على أَن المُرَاد بِهَذَا جمَاعَة، وهم المذكورون فِي سِيَاق الْكَلَام وَقَوله: " وَإِن يهْلكُونَ إِلَّا أنفسهم وَمَا يَشْعُرُونَ " يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الذَّمِّ.
وَأَبُو طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، بَلْ كَانَ يَصُدُّ النَّاسَ عَنْ أَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ وَمَقَالٍ، وَنَفْسٍ وَمَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute