وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عُرْوَةُ مُرْسَلٌ فِي ظَاهِرِ السِّيَاقِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَقَوْلُهُ: " تَزَوَّجَهَا وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ " مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا.
وَكَانَ بِنَاؤُهُ بِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا كَوْنُ تَزْوِيجِهَا كَانَ بَعْدَ موت خَدِيجَة بِنَحْوِ من ثَلَاثِ سِنِينَ فَفِيهِ نَظَرٌ.
فَإِنَّ يَعْقُوبَ بْنَ سُفْيَانَ الْحَافِظَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ قَبْلَ مُخْرَجِهِ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَا ابْنَةُ سَبْعِ أَوْ سِتِّ سِنِينَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ جَاءَنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا الْعَبُ فِي أُرْجُوحَةٍ وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي وَصَنَعْنَنِي ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ [فَبنى بى] .
وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ.
فَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ ".
يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ قَرِيبًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَقَطَ مِنَ النُّسْخَةِ بَعْدَ مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ، فَلَا يَنْفِي مَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَوُعِكْتُ فَتَمَزَّقَ شعرى وَقد وفت لِي جُمَيْمَةٌ، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فأتيتها مَا أدرى مَا تُرِيدُ منى، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أخذت شَيْئا من مَاء فمست بِهِ وجهى ورأسي، ثمَّ أدخلتني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute