ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قُم فَالْحق بقومك، فو الله لَوْلَا أَنَّكَ عِنْدَ قَوْمِي لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ.
قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَاقَتِهِ فَرَكِبَهَا، فَغَمَزَ الْخَبِيثُ بَيْحَرَةُ شَاكِلَتَهَا فَقَمَصَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَتْهُ.
وَعِنْدَ بَنِي عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ ضُبَاعَةُ ابْنَةُ عَامِرِ بْنِ قُرْطٍ، كَانَتْ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي أسلمن مَعَ رَسُول الله بِمَكَّةَ، جَاءَتْ زَائِرَةً إِلَى بَنِي عَمِّهَا، فَقَالَتْ: يَا آلَ عَامِرٍ، وَلَا عَامِرَ لِي! أَيُصْنَعُ هَذَا بِرَسُولِ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا يَمْنَعُهُ أحد مِنْكُم! فَقَامَ ثَلَاثَة مِنْ بَنِي عَمِّهَا إِلَى بَيْحَرَةَ وَاثْنَيْنِ أَعَانَاهُ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلًا فَجَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ عَلَوْا وُجُوهَهُمْ لَطْمًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَالْعَنْ هَؤُلَاءِ ".
قَالَ: فَأَسْلَمَ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ نَصَرُوهُ وَقُتِلُوا شُهَدَاءَ، وَهُمْ: غُطَيْفٌ (١) وَغَطَفَانُ ابْنَا سَهْلٍ، وَعُرْوَةُ، أَو عذرة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ الْحَافِظُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ فِي مغازيه، عَن أَبِيه بِهِ.
وَهلك الْآخرُونَ وَهُمْ، بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ، وَحَزْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَادَةَ أَحَدُ بَنِي عَقِيلٍ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ لَعْنًا كثيرا.
وَهَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ كَتَبْنَاهُ لِغَرَابَتِهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
(١) الدَّلَائِل: غطريف (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute