بِقُبَاءٍ قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا، فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ.
ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ.
فَكَانَتْ تَقُولُ: مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا رَأَيْتُ صَاحِبًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ.
أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ هَذَا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهَاجَرَ هُوَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعًا، وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبُوهُ وَإِخْوَتُهُ، الْحَارِثُ وَكِلَابٌ وَمُسَافِعٌ، وَعَمُّهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ.
وَدَفَعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَإِلَى ابْنِ عَمِّهِ شَيْبَةَ وَالِدِ بَنِي شَيْبَةَ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ، أَقَرَّهَا عَلَيْهِمْ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهلهَا (١) ".
* * *
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ، عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ.
ثُمَّ عَبْدُ الله بن جحش ابْن رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، احْتَمَلَ بِأَهْلِهِ وَبِأَخِيهِ عَبْدٍ، أَبِي أَحْمَدَ، اسْمُهُ عَبْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقِيلَ ثُمَامَةُ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَطُوفُ مَكَّةَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا بِغَيْرِ قَائِدٍ، وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَتْ عِنْدَهُ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَيْمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ.
فَغُلِقَتْ دَارُ بَنِي جَحْشٍ هِجْرَةً، فَمَرَّ بِهَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عبد الْمطلب
(١) سُورَة النِّسَاء ٥٨ (*)