للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.

وَاسْتَبْدَلُوا بِدِينِ ابْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ غَيْرَهُ، فَعَبَدُوا

الْأَوْثَانَ وَصَارُوا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ مِنَ الضَّلَالَاتِ.

وَفِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ بَقَايَا مِنْ عَهْدِ ابْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَمَسَّكُونَ بِهَا مِنْ تَعْظِيمِ الْبَيْتِ، وَالطَّوَافِ بِهِ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَالْوُقُوفِ عَلَى عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ، وَهَدْيِ الْبُدْنِ وَالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، مَعَ إِدْخَالِهِمْ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَكَانَتْ كِنَانَةُ وَقُرَيْشٌ إِذَا أَهَلُّوا قَالُوا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.

لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ.

فَيُوَحِّدُونَهُ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ يُدْخِلُونَ مَعَهُ أَصْنَامَهُمْ وَيَجْعَلُونَ مِلْكَهَا بِيَدِهِ.

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١) " أَيْ مَا يُوَحِّدُونَنِي لِمَعْرِفَةِ حَقِّي إِلَّا جَعَلُوا مَعِي شَرِيكًا مِنْ خَلْقِي.

وَقَدْ ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبَّى هَذِهِ التَّلْبِيَةَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ وَأَنَّ ابْلِيسَ تَبَدَّى لَهُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ، فَجَعَلَ يُلَقِّنُهُ ذَلِكَ فَيَسْمَعُ مِنْهُ وَيَقُولُ كَمَا يَقُولُ، وَاتَّبَعَهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ.

وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ: يَقُولُ: " قَدْ قَدْ " أَيْ حَسْبُ حَسْبُ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ ابْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن أَبى حَفْص عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ وَعَبَدَ الْأَصْنَامَ، أَبُو خُزَاعَةَ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَإِنِّي رَأَيْتُهُ يجر أمعاءه فِي النَّار ".


(١) سُورَة يُوسُف ١٠٦.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>