كَيْفَ أَنَا فِيهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ بَهَتُونِي وَعَابُونِي.
وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ: فَأَظْهَرْتُ إِسْلَامِي وَإِسْلَامَ أَهْلِ بَيْتِي، وَأَسْلَمَتْ عَمَّتِي خَالِدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر، حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي وَعَمِّي أَحَبَّ إِلَيْهِمَا مِنِّي، لَمْ أَلْقَهُمَا فِي وَلَدٍ لَهُمَا قَطُّ أَهِشُّ إِلَيْهِمَا إِلَّا أَخَذَانِي دُونَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ، قَرْيَةَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، غَدَا إِلَيْهِ أَبِي وَعَمِّي أَبُو يَاسِرِ بْنِ أَخطب مغلسين، فو الله مَا جَاءَانَا إِلَّا مَعَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، فَجَاءَانَا فَاتِرَيْنِ كَسْلَانَيْنِ سَاقِطَيْنِ يَمْشِيَانِ الْهُوَيْنَى، فَهَشِشْتُ إِلَيْهِمَا كَمَا كنت أصنع، فو الله مَا نَظَرَ إِلَيَّ وَاحِدٌ
مِنْهُمَا، فَسَمِعْتُ عَمِّي أَبَا يَاسِرٍ يَقُولُ لِأَبِي: أَهْوَ هُوَ؟ قَالَ: نعم وَالله! قَالَ: تعرفه بنعته وَصِفَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ.
قَالَ: فَمَاذَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُ؟ قَالَ: عَدَاوَتُهُ وَاللَّهِ مَا بَقِيتُ! وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا يَاسِرِ بْنَ أَخْطَبَ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ذَهَبَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ مِنْهُ وَحَادَثَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قومه فَقَالَ: يَا قوم أطيعون، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَاءَكُمْ بِالَّذِي كُنْتُمْ تَنْتَظِرُونَ، فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تُخَالِفُوهُ.
فَانْطَلَقَ أَخُوهُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْيَهُودِ، وَهُمَا مِنْ بنى النَّضِير، فَجَلَسَ إِلَى رَسُول الله وَسَمِعَ مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا، فَقَالَ: أَتَيْتُ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَا أَزَالُ لَهُ عَدُوًّا أَبَدًا.
فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ أَبُو يَاسِرٍ: يَا ابْنَ أُمِّ أَطِعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ وَاعْصِنِي فِيمَا شِئْتَ بعده لَا تهْلك.
قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُطِيعُكَ أَبَدًا، وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَاتَّبَعَهُ قَوْمُهُ عَلَى رَأْيِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute