للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاجْتَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا مِنْهُمْ أُنَاسٌ، فَرَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ خَافِضِي أَصْوَاتِهُمْ قَدْ لَصَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْرِجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ إِخْرَاجًا عَنِيفًا.

فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَ صَاحِبَ آلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَحَبَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ وَهُوَ يَقُولُ، لَعَنَهُ اللَّهُ: أَتُخْرِجُنِي يَا أَبَا أَيُّوبَ مِنْ مِرْبَدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ.

ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى رَافِعِ بْنِ وَدِيعَةَ النَّجَّارِيِّ فَلَبَّبَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ نَتَرَهُ نَتْرًا شَدِيدًا وَلَطَمَ وَجْهَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ: أُفٍ لَكَ مُنَافِقًا خَبِيثًا.

وَقَامَ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَادَهُ بِهَا قَوْدًا عَنِيفًا حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ جَمَعَ عُمَارَةُ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَدَمَهُ بِهِمَا لَدْمَةٍ (١) فِي صَدْرِهِ خَرَّ مِنْهَا، قَالَ يَقُولُ: خَدَشْتَنِي يَا عُمَارَةُ.

فَقَالَ عُمَارَةُ.

أَبْعَدَكَ اللَّهُ يَا مُنَافِقُ، فَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْعَذَابِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَة بن غنم بن مَالك

ابْن النَّجَّارِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، إِلَى قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، وَكَانَ شَابًّا وَلَيْسَ فِي الْمُنَافِقِينَ شَابٌّ سِوَاهُ، فَجَعَلَ يَدْفَعُ فِي قَفَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ.

وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي خُدْرَةَ (٢) إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ ذَا جمة، فَأخذ بجمته فسحبه سَحْبًا عَنِيفًا عَلَى مَا مَرَّ بِهِ مِنَ الارض حَتَّى أخرجه، فَجعل يَقُول


(١) اللدم: الضَّرْب بِبَطن الْكَفّ.
(٢) ابْن هِشَام: من بلخدرة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>