للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَكْثَرِهِمْ كُفْرًا وَعِنَادًا وَبَغْيًا وَحَسَدًا وَهِجَاءً لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ.

لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ فَعَلَ! قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَقَالَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، أُخْتُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، فِي مَقْتَلِ أَخِيهَا (١) يَا رَاكِبًا إِنَّ الْأُثَيْلَ (٢) مَظِنَّةٌ * مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ أَبْلِغْ بِهَا مَيْتًا بِأَنَّ تَحِيَّةً * مَا إِنْ تَزَالُ بِهَا النَّجَائِبُ تَخْفِقُ مِنِّي إِلَيْك وعبرة مسفوحة * جَادَتْ بوابلها وَأُخْرَى تَخْنُقُ هَلْ يَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إِنْ نَادَيْتُهُ * أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لَا يَنْطِقُ أَمُحَمَّدٌ يَا خير ضئى كَرِيمَةٍ * مِنْ قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ (٣) مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا * مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ أَوْ كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ فَلَيُنْفَقَنْ * بِأَعَزِّ مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفِقُ (٤)

وَالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرْتَ قَرَابَةً * وَأَحَقُّهُمْ إِنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ * لِلَّهِ أَرْحَامٌ هُنَالِكَ (٥) تُشْقَقُ صَبْرًا يُقَادُ إِلَى الْمَنِيَّةِ مُتْعَبًا * رَسْفَ الْمُقَيَّدِ وَهْوَ عَانٍ مُوثَقُ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ هَذَا الشِّعْرُ قَالَ: " لَوْ بَلَغَنِي هَذَا قَبْلَ قَتْلِهِ لَمَنَنْتُ عَلَيْهِ! ".

* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ تَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ أَبُو هِنْدٍ مَوْلَى فَرْوَة بن عَمْرو البياضى حجامه عَلَيْهِ السَّلَام، وَمَعَهُ زق خمر (٦) مَمْلُوء حَيْسًا،


(١) ابْن هِشَام تبكيه.
(٢) الاثيل، مَوضِع قرب الْمَدِينَة بَين بدر ووادى الصَّفْرَاء.
(٣) الضئى: الاصل.
وتروى: ضنء.
والمعرق الْكَرِيم (٤) الاغانى ١ / ١٩: لَو كنت قَابل فديَة فلنأتين * بِأَعَز مَا يغلو لديك وَينْفق (٥) ابْن هِشَام: هُنَاكَ (٦) ابْن هِشَام: ولقى رَسُول الله.
بحميت مَمْلُوء حَيْسًا.
والحميت: الزق (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>