أَحَقَّ بِالْكَلامِ وَأَوْلَى بِهِ مِنِّي لِحَقِّ أَسْنَانِكُمْ، وَلأَنَّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمْ قَبْلِي وَرَأَيْتُمْ، وَعَلِمْتُمْ مَا لَمْ أَعْلَمْ، وَمَعَ ذَلِكَ تَرَكْتُمْ مِنَ الْقَوْلِ أَحْسَنَ مِنَ الَّذِي قُلْتُمْ، وَمِنَ الرَّأْيِ أَصْوَبَ مِنَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، وَمِنَ الأَمْرِ أَجْمَلَ مِنَ الَّذِي أَتَيْتُمْ، وَمِنَ الْمَوْعِظَةِ أَحْكَمَ مِنَ الَّذِي وَعَظْتُمْ، وَقَدْ كَانَ لأَيُّوبَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ وَالذِّمَامِ أَفْضَلَ مِنَ الَّذِي فَعَلْتُمْ، فَهَلْ تَدْرُونَ أَيُّهَا الْكُهُولُ حَقَّ مَنِ انْتَقَصْتُمْ؟ وَحُرْمَةَ مَنِ انْتَهَكْتُمْ؟ وَمَنِ الرَّجُلُ الَّذِي عِبْتُمْ وَاتَّهَمْتُمْ؟ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الْكُهُولُ أَنَّ أَيُّوبَ نَبِيَّ اللَّهَ وَخِيرَتُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنَ الأَرْضِ يَوْمَكُمْ هَذَا؟ اخْتَارَهُ اللَّهُ لِوَحْيِهِ، وَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأمَّنَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ، ثُمَّ لَمْ تَعْلَمُوا وَلَمْ يُطْلِعْكُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ سَخِطَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ مُنْذُ آتَاهُ اللَّهُ مَا آتَاهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، وَلا عَلَى أَنَّ أَيُّوبَ، قَالَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ فِي طُولِ مَا صَحِبْتُمُوهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، فَإِنْ كَانَ الْبَلَاءُ هُوَ الَّذِي أَزْرَى بِهِ عِنْدَكُمْ وَوَضَعَهُ فِي أَنْفُسِكُمْ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ، ثُمَّ لَيْسَ بَلاؤُهُ لأَوْلِيَائِهِ بِدَلِيلٍ عَلَى سَخَطِهِ عَلَيْهِمْ، وَلا هَوَانِهِ لَهُمْ، وَلَكِنَّهَا كَرَامَةٌ وَخِيَرَةٌ لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ أَيُّوبَ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لا بِالنُّبُوَّةِ، وَلا بِالأَثَرَةِ، وَلا بِالْفَضِيلَةِ، وَلا بِالْكَرَامَةِ إِلا أَنَّهُ أَخٌ آخَيْتُمُوهُ عَلَى وَجْهِ الصَّحَابَةِ لَكَانَ وَهُوَ لا يَجْمُلُ بِالْحَكِيمِ أَنْ يَعْذِلَ أَخَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute