للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا غنى للمفسر عن دراسة هذا العلم والتعمق فيه فمن خلاله يستعين على فهم المعنى أو الترجيح بين الآراء في ضوء السياق، أو إزالة لبس أو إشكال، أو دفع إيهام، أو معرفة الحكمة من إيراد القصص القرآني، أو غير ذلك من الفوائد؛ لذا فلا بد من النظرة الكلية الشاملة والتأمل في مقاصد السورة وتعيين المحور العام الذي تدور حوله، وتقسيم الآيات إلى مقاطع كل مقطع يمثل وحدة موضوعية واحدة مترابطة ومستمسكة ومتناسقة مع سابقها ولاحقها.

يقول الإمام الرازي رحمه الله " علم المناسبات علم عظيم أودع فيه كثير من لطائف القرآن وروائعه وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول ". (١)

وقال الزركشي: " والذى ينبغى فى كل آية أن يبحث أول كل شىء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففى ذلك علم جم وهكذا فى السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له " (٢)

الوقوف على سمة خاصة من سمات القرآن الكريم:

كما تفرد القرآن الكريم بنزوله منجما - حسب الحوادث والنوازل - على غير ما هو معهود في الكتب السابقة التي نزلت جملة واحدة: فلقد تميز القرآن المجيد بهذا النظم الفريد، وهذا السبك النضيد، وهذا التصريف العجيب، وهذا التنوع في الأساليب، والثراء في الأداء، والانتقال من موضوع إلى موضوع ومن حكمة إلى حكمة ومن قصة إلى قصة ومن مثل إلى مثل، دون أن يؤدي ذلك إلى اضطراب أو خلل، أوسآمة أو ملل، أو تناقض أو اختلاف، بل تناسق وائتلاف، مراعاة لطبيعة النفوس وتيسيرا على القراء وتبصرة وتذكرة للألباء.


(١) - البرهان ١ /٣٥
(٢) ٢- البرهان في علوم القرآن ١ / ٣٨..

<<  <   >  >>