وقال البقاعي رحمه الله:" ... لما كان الكفار قسمين، قسم محض كفره وقسم شابه بنفاق وخداع، وكان الماحض قسمين قسم لا علم لخ من جهة كتاب سابق وهم مشركو العرب وقسم له كتاب يعلم الحق منه: ذكر تعالى القسم الماحض بما يعم قسميه العالم والجاهل فقال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {٦} خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ {٧} } ثم أتبعه بقسم المنافقين ليكونوا من خداعهم على حذر فقال سبحانه {وَمِنَ النَّاس مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ {٨} } الخ الآيات، ولما فرغ من ذلك ومم استتبعه من الأمر بالوحدانية وإقامة دلائلها وإفاضة فضائلها ومن التعجيب ممن كفر مع قيام الدلائل، والتخويف من تلك الغوائل والاستعطاف بذكر النعم: شرع في ذكر قسم من الماحض هو كالمنافق في أنه يعرف الحق فيخفيه فالمنافق ألف الكفر ثم أقلع عنه وأظهر التلبس بالإسلام مع استمراره على الكفر باطنا وهذا القسم –يعني بني إسرائيل – كان على الإيمان بهذا النبي قبل دعوته فلما دعاهم محوا الإيمان الذي كانوا متلبسين به وأظهروا الكفر واستمرت حاتهم على إظهار الكفر وإخفاء المعرفة التي هي مبدأ الإيمان، فحالهم كما ترى أشبه شيء بحال المنافقين؛ ولهذا تراهم مقرونين بهم في كثير من القرآن وإننما أخرهم لطول قصتهم وما فيها من دلائل النبوة وأعلام الرسالة بما أبدى مما أخفوه من دقائق أحوالهم ... "(١) "