والحديث عن بني إسرائيل مناسب لمقدمة السورة؛ ومقاصدها الأساسية وهي بناء المجتمع المسلم وتحصينه، وبيان أسس العلاقة مع المجتمع الجديد في المدينة الذي يضم طوائف شتى من بينها اليهود، وما سبق الحديث عن بني إسرائيل إنما يعد تمهيدا له وتوطئة، حيث سبقت الحجج والبراهين دعوة بني إسرائيل إلى الإيمان بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -،كما أن المناسبة واضحة بين النداء العام الوارد في السورة وبين النداء الخاص الموجه إلى بني إسرائيل من باب ذكر الخاص بعد العام للاعتناء ولفت الأنظار إلى ذلك الخاص، والمناسبة بين قصة آدم عليه السلام وقصة بني إسرائيل مناسبة متعددة الجوانب كما سبق ذكره فالقصتان حافلتان بالعظات والعبر، غنيتان بالحقائق التي تدل على أن هذا القرآن من عند علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون، يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا، وبنو إسرائيل هم أحوج الناس إلى الاعتبار من قصة أبينا آدم عليه السلام الذي خرج من الجنة بذنب واحد، وذاق مرارة المعصية وعاين أثرها وكابد عواقبها، مع ما سبق من اصطفاء الله له وتكريمه فهل يعتبر اليهود؟ أم يقعوا في مصائد الشيطان وحبائله؟ وفي أي طائفة يكونون ومع أي فريق يقفون؟
وهنا ينبغي أن أنبه على أن السورة من أولها خطاب عام يشمل جميع الناس بما فيهم بنو إسرائيل لكن الخطاب الموجه لهم والخاص بهم بدأ من الآية الأربعين من السورة.