للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[لما أورد سبحانه على الكفار المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أنواع الدلائل التى هى أوضح من الشمس أكد ذلك بذكر القصص على طريقة التفنن في الكلام ونقله من أسلوب إلى أسلوب لتكون الموعظة أظهر والحجة أبين والقبول أتم فقال { {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {٢٥} أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ {٢٦} [سورة هود]] ٠ (١)

التضاد: وهو الجمع بين المعنى وضده وهو من الأساليب البلاغية كالجمع بين الترغيب والترهيب والحديث عن الكفار بعد الحديث عن المؤمنين والحديث عن الجنة بعد الحديث عن النار ونحو ذلك: وقد قيل وبضدها تتبين الأشياء ***

ضدان لما استجمعا حسنا *** والضد يظهر حسنه الضد

وفي تفسير الشوكاني نماذج عديدة أبرز فيها هذا الوجه الرابط بين كثير من الآيات: وفيما يلي نذكر نماذج من تفسيره تدل على ذلك:

*ففي تفسيره لقوله تعالى من سورة البقرة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {٦} خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ {٧} )

يقول الشوكاني [ذكر سبحانه فريق الشر بعد ذكر فريق الخير قاطعا لهذا الكلام عن الكلام الأول معنونا له بما يفيد أن شأن جنس الكفرة عدم إجداء الإنذار لهم وأنه لا يترتب عليهم ما هو المطلوب منهم من الإيمان وأن وجود ذلك كعدمه] ٠ (٢)


(١) - المرجع نفسه ٢ / ٤٩٣
(٢) - نفس المرجع ١/٣٨

<<  <   >  >>