يقول رحمه الله [ (أهم يقسمون رحمة ربك) يعني النبوة أو ما هو أعم منها والاستفهام للإنكار ثم بين أنه سبحانه هو الذي قسم بينهم ما يعيشون به من أمور الدنيا فقال {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} ولم نفوض ذلك إليهم وليس لأحد من العباد أن يتحكم في شيء بل الحكم لله وحده وإذا كان الله سبحانه هو الذي قسم بينهم أرزاقهم ورفع درجات بعضهم على بعض فكيف لا يقنعون بقسمته في أمر النبوة وتفويضها إلى من يشاء من خلقه قال مقاتل: يقول: أبأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاءوا ومعنى رفعنا بعضهم فوق بعض درجات أنه فاضل بينهم فجعل بعضهم أفضل من بعض في الدنيا بالرزق والرياسة والقوة والحرية والعقل والعلم ثم ذكر العلة لرفع درجات بعضهم على بعض فقال ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أي ليستخدم بعضهم بعضا فيستخدم الغني الفقير والرئيس المرءوس والقوي الضعيف والحر العبد والعاقل من هو دونه في العقل والعالم الجاهل وهذا في غالب أحوال أهل الدنيا وبه تتم مصالحهم وينتظم معاشهم ويصل كل واحد منهم إلى مطلوبه فإن كل صناعة دنيوية يحسنها قوم دون آخرين فجعل البعض محتاجا إلى البعض لتحصل المواساة بينهم في متاع الدنيا ويحتاج هذا إلى هذا ويصنع هذا لهذا ويعطى هذا هذا ... وقيل هو من السخرية التي بمعنى الاستهزاء وهذا وإن كان مطابقا للمعنى اللغوي ولكنه بعيد من معنى القران ومناف لما هو مقصود السياق] (١)