للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المتن السابق فمعلول بل باطل، لأن الدراوردي رحمه الله وإن كان صدوقاً، إلا أنه حدّث عن أيوب، وقد تُكلِمَ فيه عن أيوب، تكلم فيه الإمام أحمد والنسائي وقالوا: يروي المنكرات عن أيوب، وهذه الرواية من جُملة مُنكراته، وقد خَالف الثقات ـ أيضاً ـ من أصحاب أيوب وأصحاب نافع، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا سجد أحدكم فليضع يَدَيْه)) (١) وليس فيه قبل ركبتيه، وإنما قال: ((فليضع يده)) وبالفعل لا بُدَّ من وضع اليدين في السجود.

وأما الحديث الذي رواه أصحاب ((السنن)) من حديث الدراوردي عن محمد عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هُريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل رُكبتيه)) (٢) .

فهذا الحديث باطل ومَلِيءٌ بالعلل إسناداً ومتناً، وقد ضعفه كبار الحفاظ، وعلى رأسهم:

١ - البُخَاري، قال ((محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا)) (٣) .

٢ - حَمْزة الكِنَانِي ـ وهو من كبار الحُفاظ المَصريين ـ قال: ((هذا حديث مُنكر)) (٤) .


(١) أخرجه أبو داود (٨٩٢) والنسائي (٢/ ٢٠٨) وأحمد في ((المسند)) (٢/ ٦) والحاكم في ((المستدرك)) (١/ ٢٢٦) وعنه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (٢/ ١٠١) من طريق أيوب عن نافع عن بن عمر رفعه.
قال الإمام البيهقي عقب الحديث: ((والمقصود منه وضع اليدين في السجود لا التقديم فيهما، والله تعالى أعلم)) .
(٢) أخرجه أبو داود (٨٤٠) والنسائي (٢/ ٢٠٧) والدارمي (١٢٩٥) وأحمد في ((المسند)) (٢/ ٣٨١) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٢/ ٩٩) وفي ((معرفة السنن الآثار)) (٣/ ١٨) والبغوي في ((شرح السنة)) (٣/ ١٣٤ـ ١٣٥) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (١/ ١٤٩) وفي ((مُشكل الآثار)) برقم (١٨٢) والدارقطني (١/٣٤٤ـ ٣٤٥) والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (١/ ١٣٩) وبن حزم الظاهري في ((المُحلى)) (٤/ ١٢٨) من طريق الدراوردي
(٣) التاريخ الكبير للبخاري (١/ ١٣٩) .
(٤) ذكرهُ الحافظ بن رجب في ((فتح الباري)) (٥/ ٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>