للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كتاب الأمر والنهي على معنى الشافعي رحمه الله

من مسائل المزني رضي الله عنه

برواية أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

(١) سئل المزني -رحمه الله- عن مخرج جملة الأمر والنهي على مذهب الشافعي، فقال:

مذهب الشافعي عندي وبالله التوفيق: أن الأمرَ والنهيَ من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه على العمومِ والظاهرِ والحتمِ، إلا أن يأتيَ في سياق الخبر أو في غيره ما يدل على أنه أريد به الخصوصُ أو باطنٌ أو إرشادٌ أو إباحةٌ أو دلالةٌ، فيَلزَم قَبولُ الدليلُ، فإذا أمر الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه بأمر وسَمّاه .. فما لزمه اسمُه لزمه حكمُه على العمومِ والحتْمِ؛ لأن الله تبارك وتعالى أو رسوله صلى الله عليه لو لم يُرِد العمومَ وأراد غيرَه لأبانه، فلما لم يُبِنْه علِمْنا أنه لم يُرِد ما لم يُبَيِّن؛ كما لم يَأمُر إلا بما بَيَّن؛ لأنه لا يُكَلِّف عِلمَ الغيوب، قال الله عز وجل: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) [النمل: ٦٥]، وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم: ٤]، وقال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) [التوبة: ١١٥]، وقال: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: ٣٦]، فمَن ادَّعَى فيما أطلَقه القرآنُ أو السنةُ - بَيِّنٌ معناه في اللغةِ - أنَّه أرِيد معنًى دون معنًى .. قيل له: قولك

<<  <   >  >>