للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول: "كما نتنزل إلى اليهودي والنصراني في مناظرته، وإنْ كنا عالمين ببطلان ما يقوله اتباعاً لقوله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} (النحل: ١٢٥) وقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} (العنكبوت:٤٦)، وإلا فعلمنا ببطلان ما يعارضون به القرآن والرسول ويصدون به أهل الإيمان عن سواء السبيل، وإن جعلوه من المعقول بالبرهان أعظم من أن يبسط في هذا المكان". (١)

وقال الشيخ ابن سعدي: " فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه الحق أو كان داعية إلى الباطل، فيجادل بالتي هي أحسن، وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلاً ونقلاً، ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود". (٢)

لكن هذا لا يعني موافقة الآخر على أصوله الباطلة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والله تعالى لا يأمر المؤمنين أن يجادلوا بمقدمة يسلمها الخصم إنْ لم تكن علماً، فلو قُدرَ أنه قال باطلاً، لم يأمر الله أن يحتج عليهم بالباطل، لكنَّ هذا قد يفعل لبيان فساد قوله وبيان تناقضه، لا لبيان الدعوة إلى القول الحق ودعوة العباد إليه .. ". (٣)

٧. إنصاف المخالف بذكر إيجابياته وموافقته فيما يصدر عنه من حق

المسلم رائده الحق، والحكمة ضالته، فهو يأخذها ويقر بها بلا غضاضة، من أي طريق جاءت، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي هريرة عن الشيطان مصدر الشرور والآثام: ((صدقك، وهو كذوب، ذاك شيطان)). (٤)

وعلى هذا الأدب درج أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقروا لمخالفيهم ما عندهم من صور إيجابية، قال المستورد القرشي وهو عند عمرو بن العاص: سمعت


(١) درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٨٨).
(٢) تيسير الكريم الرحمن (٣/ ٩٣).
(٣) الرد على المنطقيين (٤٦٨).
(٤) رواه البخاري ح (٣٢٧٥).

<<  <   >  >>