للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس)). فقال له عمرو: أبصر ما تقول! قال: أقول ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحلَم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك. (١)

ولا غرو في ذلك الإقرار للمخالف بمزيته، فقد أدبهم القرآن وصاغهم، حين دعاهم إلى التزام العدل مع المخالفين {ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} (المائدة: ٢).

فقد قال تعالى مثبتاً بعض خصال الخير لأهل الكتاب: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيلٌ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} (آل عمران: ٧٥).

وكذا أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي بما فيه من خِلال الخير، وهو يومئذ على الكفر، فقال لأصحابه: ((إن بالحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد , فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجاً)). (٢)

وفي درس بليغ آخر يقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من يهودي نصيحته، ففي الحديث ترويه قتيلة بنت صيفي الجهنية قالت: أتى حبر من الأحبار رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، نِعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون؟ قال: ((سبحان الله! وما ذاك؟)) قال: تقولون إذا حلفتم: والكعبة.

قالت: فأمهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ثم قال: ((إنه قد قال [أي حقاً]، فمن حلف فليحلف برب الكعبة)). (٣)

وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: "اقبلوا الحق من كل من جاء به،


(١) رواه مسلم ح (٢٨٩٨).
(٢) رواه ابن إسحاق في سيرته، انظر فتح الباري (٧/ ١٨٨).
(٣) رواه أحمد ح (٢٦٥٣٣).

<<  <   >  >>